أصيبت بخيبة أمل كبيرة الأسبوع الماضي , بعد مشاهدتي للفنان نصر سيف , في أحد البرامج التلفزيونية , و قد أعلن اعتزاله الفن بعد عودته من الأراضي الحجازية , و أداء فريضة الحج , فمن منكم لا يعرف الفنان نصر سيف , صاحب أشهر صلعه في تاريخ السينما المصرية , وبسببها أشتهر بين أبناء جيلي , بُسمعة الأقرع , و تسهيلاً عليكم فهو القاتل الذي ظهر في مسرحية ( شاهد ما شفش حاجة ) والذي ظن عادل إمام إنه عامود نور , والذي قال جملته اليتيمة في المسرحية ( ينصر دينك يا أستاذ خليفة ) هذا الفنان هو واحد من أشهر الكومبارس , الذين ظهروا في مشاهد عابرة بالكاد أن تلاحظهم العين , وفي نفس الوقت يعمل هذا الفنان موظف في شركة الكهرباء المصرية , و بصراحة لا يغيب عن ذاكرتي ذلك اليوم الذي زار فيه هذا الفنان شارعنا , ليكشف على عدادات الكهرباء , و خروج كل الأطفال وأنا طبعاً واحد منهم , نمشي خلفه في مسيرة ضخمة نغنى و نردد أغنية كان يقولها أحد الأطفال , الذي رفعناه على أكتافنا فكان يقول .. سمعة الأقرع قبل ما يقرع , كان شغال عندنا حلاق .. أنا كذاب ؟ , نرد جميعاً ... ألاء , ألاء ... أنا فشار؟.. نرد .. ألاء , ألاء ..هكذا قمنا بالمسيرة خلف الموظف وهو لا يعيرنا أي اهتمام , بل يرفع يده لتحية الناس بكل طيبة و حب , بعكس صورته التي
طبعت في أذهان الكثير , أن لا تخلوا عصابة إلا ويكون هو أحد أفرادها , رحنا نتابعه من بيت لبيت و من شارع لشارع و من زنقة لزنقة على رأي أخينا ألقذافي , حتى ضاق به الأمر , فما به إلا أن ركب دراجته النارية , المعروفة بسم ( بالبطة ) و أنطلق بها هارباً من وسط أمواج متلاحقة من البشر , وتطفل بعض الأشخاص التي أرادت التقاط لها صور مع موظف شركة الكهرباء , الذي تسببنا له في مشكلة لعدم تمكنه من مباشرة عمله , في الكشف على عدادات الكهرباء في حينا , هذا اليوم من الصعب ينسى من ذاكرتي , فهي المرة الأولى في حياتي التي أخرج فيها بمسيرة أردد شعار يخرج من قلبي و من بين طلوعي , فكان الحماس يملأنا وكأننا على أعتاب بيت المقدس على أثر هذه المسيرة , مكثت أسبوع و أنا احكي بالإشارة فقد , جرحت أحبالي الصوتية , ذهب الفنان نصر سيف و ترك بداخلي العديد من التساؤلات , التي تتشابك و تتعارك مع بعضها البعض في عقلي , وتبحث لها عن إجابة , لماذا خرجنا نتابع الموظف و نمنعه من إتمام عمله ؟ ماذا لو فريد شوقي هو من جاء لشارعنا ؟ لماذا لم يلعب الحظ لعبته و يأخذ الفنان نصر سيف فرصته في دور بطوله , ليكون هو مكان رشدي أباظة في فيلم نار الشوق و تغني له صباح , كل سنة وأنت طيب يا راجل يا طيب .. ففي ظل الثورات و التغيرات و المسيرات التي تمر بها المنطقة العربية , يظهر لنا أشخاص و تختفي أشخاص , و تظهر حقيقة و تختفي حقائق , فمن بين الضباب ناس تعمل وتتعب ليأتي آخرين ليأخذوا ما تم إنجازه في لحظة , و قس على ذلك الكثير , تحياتي للفنان نصر سيف .
ليست هناك تعليقات:
Write التعليقات